كوفية ورمز العزة ،كوفية وغلاف العربية،هكذا اختارت الكاتبة هاجر عواجي وليدها الأدبي محملا بأصول العزة والكرامة،فالكوفية وإن تعدّ وشاحا يلّف حول العنق في مجتمعات شرقية كثيرة إلّا أن له بفلسطين علاقة خاصة تعدّت كونه وشاحا جميلا يتزين به المجتمع صغيرهم به قبل كبيرهم ،ليجعل من شبكة نسيجه سياجا ضرب على أرض الأنبياء والقبلة الأولى حماية وأمانة في العنق مجبرون هم على الذود عنها دون استثناء،من خلال ذلك يتفشى لنا نور الرواية أن بها رائحة فلسطينة تضمها الأوراق لتخبرنا سرّ الكوفية سردا وعلاقتها بالمعاني المدرجة في بقية الأحداث السردية،بداية من الشكل السردي الخفي للكاتبة في حين تركت التناوب الفعلي للعمل بيد أصحابه من شخصيات تراوحت بين الرئيسة والثانوية،وبين العقد والحل لتظهر في الصبغة الفكرية لديها و التي تظهر جلية في ألسنة الأشخاص لدرجة جعل القصة تبدو واقعية دون شك،ناهيك عن الوصف الجيّد والاقتباس البليغ الذي دعّم عدة ركائز سردية في النص عامة ،ومن الملاحظ أيضا ادراجها للصبغة العامية في عملها، ولو أنّ الذي أراه أن تكون القصة بمثل هذه القوة البيانية كانت لتكون أفضل بكثير لو تجنبت الكاتبة ما بين الأقواس لتزف الكوفية عربية فصيحة خالية من اللهجات والكلمات الأجنبية ،لأنّ النزعة الفلسفية الواضحة في بنيات النص من بدايته إلى نهايته يحسب لها نقطة قوة ،خاصة وميزة التلاعب بالمفردات لدرجة جعلت منّا نخط خطوطا حول جمالية التعبير للكاتبة،و ندخل الرواية من بوابة الأسماء ومعانيها فاختيارها للشخصية الرئيسة سيزيل الغمام عن عنوان الرواية وأن هذه الرمزية المقدسة وعلاقتها بشابة عريقة الأصل جزائرية فلسطينية حرمت من الفرح كبلدها لتتخذ من كوفيتها وشاح المبدأ والرمز التلقائي لهذا البلد العزيز، وتتخذ من رمز العفة والجمال،ثم تمثل ذلك بدور جديّ مع شخصية باهتة رغم حضورها نور الاسلام شريفي الذي جردته كل عزة اسمه الثلاثي في حين حافظت هي على قداسة ثلاثية حروف اسمها فقط،لتعالج نفسيا واجتماعيا موضوع المبادئ والحب بصورة شبابية هادفة وخاصة من الناحية العقلانية وتدعيمها بالفلسفة وذلك لتخصص الأستاذة هاجر،إلا أن الربط والفصل بين ربوع النص السردي كانت في قمة الجمالية بحيث لا ينزعج المتتبع ،ويسابق الفكر لتخمين الذي يقع بعد ذلك،وما يشدّ الإنتباه الوصف السردي المتقن بحيث يجعل القارئ يعيش لحظات العمل ،وهذا أيضا من نقاط القوة التي تحسب للكاتبة،ومن ناحية اللغة لغة الكاتبة غزيرة ومشبعة بمعجم ممتاز. في حين الأخطاء التي جاءت في الكتاب والتي تحسب على الكاتب والناشر بحيث التحقيق والتدقيق من كمالية الابداع والنشر البنّاء ،خاصة لعمل متميز كهذا ولم تفقدها الأخطاء الواردة القيمة اللغوية ولا الفنية وحتى الاجتماعية والنفسية،فهي بمثابة العمل المشتمل على المغزى ،لذلك قلت شبابية فهي جيّدة للقراء الشباب الذين يبدعون في الشك والتهور واتخاذ الأسباب لقضاء مآربهم دون رقيب فكري،فالكاتبة عمدا جعلت الشاب الذي ينهل من العلوم والقراءة أكثر شهامة ووسامة فكرا وصورة،ومن ناحية الشباب الغافل فنور الاسلام مثال الشاب الذي نشأ في الحلية ولا يكاد يواجه المشاكل بعقلانية وعدل ،وقدس مثال الفتاة القوية والبارة بأهلها وجارتها وهي قيمة أخلاقية أخرى تحسب للكاتبة مع خلق التصدق والبر بالأصحاب ،وفي غير موقع دوّنت للكاتبة بعض الكلمات الراقية التي تماثل الاقتباسات العالمية المزدانة بها عبارات العمل.
وكذلك نقلها للنزعة الدينية في صورة زواج جمال بكتابية ومعارضة الوالد ،ونشأت مراد في بلد آخر لم يمنعه من كسب تعاليم دينه وسماحة الاسلام ،وكذا عفو الوالد عن ولده في الأخير،وكذا الآراء المدرجة طيلة الحدث السردي حول الزواج مفاهيم وتجليات ،وتباين الرؤى بين الشباب والكبار حول مفهومه وقناعاته، وكذا ما تتعرض له المرأة في علاقتها الأولى التي تبوء بالفشل وما يلحقها من أذى إن حاولت الاستمرار في حياتها في علاقة جديدة سواء أكان حبا أم زواجا، وكذلك النقل المثالي لصورة المثقف الجزائري في صورة المغدور منير وكذا النادل ،في حين مثلت سارة قوة المال وأضحية للحب،وهذا المزج المتناهي الدقة دليل على سعة فكر الكاتبة وقسمته بتساوٍ بين شخصيات عملها الأدبي ،ولم تكتف بهذا فقط بل نقلت حتى عادات الجزائر سواء في عرس عمتها أو نجاحها أو الصورة الراقية عن منطقة القبائل، وصورا مختلفة عن عقليات الجزائرين سواء الذكور أم الإناث ،هكذا عشنا فصلا أدبيا وفلسفيا راقيا رفقة أدبيتنا الشابة، مع تمنياتي الخالصة أن أقرأ لها أعمالا راقية بمثل هذه القوة والفنية . والقراءة هذه إنما هي خلاصة حب للقراءة بصفة عامة وللرواية بصفة خاصة ،تمثلني ولا تمثل أحدا فقط هي تشجيع للكاتب وتشجيع للنفس على القراءة والغوص أكثر في بنيات النصوص والمعاني وتلخيص الجماليات الأدبية الراقية.
تمت يوم 04-05-2018 الشلف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق