احمد ياسين

الكتابة هي أن تترك بعضك على الورق، والفلسفة هي أن تبحث على بعضك الضائع، هنا أحاول الجمع بينهما باحثا وتاركا...شاركوني

حصري

Post Top Ad

Your Ad Spot

الجمعة، 28 سبتمبر 2018

تراتيل يراع لمحمد حرّاث بقلم هاجر بن جمعة



تراتيل يراع للأستاذ محمد حراث

إن الكاتب يستند في بدايته إلى جذع العنوان كي يخيط البداية بما يليها حتى الخاتمة ،لذا كانت الخيرة في كلمة تراتيل والتي تعتبر تلاوة للصلوات وتحسين الصوت وخفضه عند القراءة واختارها لتلاوة اليراع المنفتق عن المشاعر والموهبة وأخذا بفعل الترتيل وهو التنسيق والتنظيم ومنه أيضا الحسن من الكلام أو الطيب من كل شيء،وعليه يجد القارئ صاحب الروح النقية ضالته في هذا الكتيب المعتق بكلمات فعلا منتظمة ومختارة بعناية ،كيف لا وصاحب اليراع وليد تربى في كنف اللغة وأدبها وأخذ بمبدأ الشرع في طيب القول ليكون الجمال في ميزان الحسنات،لذلك بدأ بالحروف المحمدية فالحب كلّه محمد عليه الصلاة والسلام وهو ما تدور حوله أولى قصائده حروف محمدية فالذي جاء بالبيان المنزل لأهل بأن نحاول في مدحه والثناء عليه والشهادة له غيبا بالنبوة ومكارم الأخلاق وإيمانا به وبرسالته مستعملا أسلوبا مهذبا في قصيدته ومدعمة بشواهد مولده وفضله وأحقيته بحروف اللغة العربية وكذا دفاعا عن أعدائه من المحدثين الذين يفترون عليه الكذب،كما تعتبر قصيدة يراع في حضرة الرسّول حبّ للنبيّ المختار ومدح ورجوة في شفاعته . وما يلاحظ على كلمات الأستاذ الشاعر نظمه المتقن وفصاحته المدججة بالمعاني وسلاسة الكلمات وهي دليل التلقائية وأصالة في الموهبة. ثم ننتقل في رحاب اليراع الطيب لمناجاة خاصة بالشاعر يبث فيها تقصيره ويرجو عفو مولاه بل يقرّ بالذنب مشتملا على سعة رحمة الله وعفوه وقبول التوبة عن عباده وإنها لمن شيّم المؤمن أن يقرّ بالذنب لا يستخفّ به ويستصغره أمام عظمة الخالق وعفوه والمشيئة إليه في العفو أو العقاب،وهي قطعة صافية كماء زلال يستسيغه عطشان ساعة المقيل من الحرّ فما أحوجنا أن نكون في رحاب اللّه قولا وفعلا ثم نعرّج إلى القصيدة الموالية برئ الإسلام منهم ليقوم بنصرة الدين بقوله ويخلصه من الطفيلين الذين لا علاقة لهم بحدود ما أنزل اللّه ويمشون بالفتن ليوقعوا بها ضعاف النفوس والله ولي المؤمنين ينصر من استمسك بكتابه وحسب الأستاذ أن يزيده اللّه فضلا على ما قال في حلة أخلاقية وقيمة دينية للعارف بأسلوب العرب وبلاغتهم وعاطفتهم في نصوصهم الشعرية والنثرية على سواء فابحر بنا ونحن له منصتون في جمالية نغبطه عليها. أما الحروف التي تصلي بمحراب الجزائر هي حروف الوطنية في قصيدته تراتيل حب وهي قطعة خالصة في حبّ الجزائر الطاهرة ،ثم قصيدة هي الجزائر حيث طاب للقلب التغني بها مطولا ومدحها بين المدن ،وترحما على شهدائها الكرام البررة.


وفخرا بأسلافنا ممن أسسوا دولة الجزائر وجمع في قلبه بينها وبين فلسطين الأبية وتلك القطعة من تلك القصيدة والقافية والوزن حب صادق نصادق عليه بالقلب والروح. ثم ينقلنا من حب الوطن لأيام الله الجميلة العيد وما يحمل من سعادة شابتها ذكرى فيها لغز مرّ رغم ذلك يبقى العيد عيدا مهما كانت مظاهره التي طغت على هيبته. سجنوك وربك أطلقك ومن يفك الأسير غير القادر الجبار وكم من قامة في الدين والخلق خلف القضبان ،جاءت الحروف هنا متدرجة في الحزن لأن الكاتب الشاب يحزن لسجن شيخه الطاعن في السنّ . ومن الشكوى إلى العتاب والاعتراف فينا الذّكور وليس تلك رجولة ،فجعل من كلماته خير التعبير عن بعض المواقف التي يتخذها الرجل في الاعتذار وأن الحقيقة قد تكون كلمة لا قوة أو انكسار . أما في بحر سيف أدمى نحر أمّتي فكان البحر مضطربا يتسأل عن تغير الناس بعجب وكيف سارت سفينة نبي الرحمة ثم أصابها العطب هي في حاجة للمصلح والرّبان الطيب الذي يسير بأمة حبيبه حتى برّ الأمان. ومنها إلى فلسطين وموعد مع الاعراب فهان عليه فهان عليه أن يكون الفلسطيني مفعول به لفاعل قذر وفعل شنيع فجاء بقصيدة مترعة بالنخوة راقية في النعنى والمبنى،وعزة بالمسجد الأقصى . ولم يتوقف عند هذا الحد فما زال اليراع يتلو صفحات من وجدان الشاعر الطيّب في فسيفساء وطني السّوداء حين خطّ بالاستفهام قصيدته حول الحال التي نراها ونعايشها كل لحظة لحد السّاعة ،في أيام الرّخاء سقط تاج عزتنا وقوتنا ،حول هوان أراضينا ومبادئنا وشؤونا كلّها من بيت المقدس إلى كل قلب ينبض بالعروبة والاسلام . ثم خصص من يراعه لبغداد ليبكي معها لحظة ويقارن بين ما كانت عليه وكيف آلت إليه حين استخلوا منها كل شيء . أما العيد الأحمر الذي أدرجه في معرض تراتيله حول الانتهاكات التي صارت تسبق كل عيد وأحيانا في ساعاته المباركة ولم يكن أقلّ شأنا من سابقيه من النصوص بلاغة وأسلوبا. ثم يستريح مع نفسه في نفسي ترثي لنفسي ومنه البوح عن مطامع النفس والمبارزة التي تحدث معها يوميا في تهذيبها ومنعها عن المهلكات والمواجع . ويأتي باب اللغة مادحا إياها عروس عروس لغتي فعلا وبها نفخر ومنها ننهل وطوبى لنا بها نتحدث و نعبر والمثال أقوى في القصيدة الموالية الثلاثنية المباركة وهي سبيكة من ذهب . ومن الأخلاء من قطع حبل المودة والوصال فجاء له الشاعر بألف بدل في بحر لطيف يعدد محاسن الخلّ وما يكون عليه أو في تركه راحة وانتصار. ثم يعود لنفسه ثانية في عمر الطفولة تلميذا حريصا حتى شبّ على حب الحبر والكتاب وأبدع حق الابداع في قصيدته. ومن علامات نخوته قصيدة "قالوا لها" فقد أخذ نفسا عميقة ونصيحة بليغة للأخوات وبورك في نظمه هذا كثيرا. ليقف بنا على حافة بستان وروده في تجّار الغزل وكيف فصّل خيبة من يرجو بهذه السبيل العلو وأن النّساء لم تخلقن لتفصّل قولا على ألسنة الحمقى من دعاة النظم والشعر والوصف. الديوان الجميل في خفته وطهارة كلماته من الغلاف إلى الاهداء ،المقدمة والخاتمة في حد ذاتها ابداع وفكر متشبع ،وقصائد متناغمة ومشبعة بأصول وفروع المعاني ،عربية فصيحة خالية من شوائب الكلمات اللاحنة ،قوية بالقيّم الأخلاقية والنصائح الذهبية ،والعاطفة الصادقة في الخشوع للّه والاعتراف بالتقصير إلى الاعتراف بسعة رحمة اللّه وكذا مدح خير الأنبياء والرّسل ،إلى تبيان مكانة لغة العرب ،ووصفه لأحوال الوطن من المشرق إلى المغرب ،والتغني بعروس القلب الجزائر كأغلى حبّ،ولم ينس غيرته على أخواته لمن يكيدون لها للتفسخ والانحلال والانفلات.
والأقوى من ذلك غيرته على هويته في الشعر ومن يتخذ الشعر والكلمة للمجون والغزل ،كل هذا في صفحات تسّر القلب ولا تأخذ وقتا كثيرا . نسأل اللّه أن يجعل ذلك كلّه في ميزان حسنات الأستاذ ووفقه اللّه لحلو الكلمات ليرفعه بها في جناته.

 بقلم : هاجر بن جمعة  28-09-2018


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot