احمد ياسين

الكتابة هي أن تترك بعضك على الورق، والفلسفة هي أن تبحث على بعضك الضائع، هنا أحاول الجمع بينهما باحثا وتاركا...شاركوني

حصري

Post Top Ad

Your Ad Spot

الخميس، 14 نوفمبر 2019

قراءة في رواية كلانداستينو



نظرة عامة عن الرواية:

الرواية من الروايات الواقعية التي تعتمد قصّة حقيقية (كما يعترف بذلك كاتبها)، فهي رواية سيرة ذاتية لشخصية لم يطلعنا الكاتب عن حقائقها إلا في حبكة من التأويلات والترميز، وعبد القادر أستاذ بالطور الثانوي تخصص تاريخ جغرافيا، متخرّج من المدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة.
الرواية تحتوي على 120 صفحة من النوع المتوسّط، مطبوعة بدار يوتوبيا للنشر والتوزيع، تحت تدقيق روان عبد العزيز، وتحتوي عناوين كثيرة نوعا ما ، تقدّر بتسعة عشر عنوانا منها: إليك أمي، بداية الحكاية، وداعا حبيبتي، ازمير، أثينا،  بحثا عن ثغرة وكلانداستينو...إلخ.
الرواية مشوّقة وهذا هو أقوى خيط فيها بالإضافة إلى واقعيتها، ربمّا لم يصل الكاتب إلى المستوى المطلوب من الوصف للمعاناة التي عاناها كلانداستينو في حياته منذ الميلاد حتى القبض عليه من طرف شرطة اليونان.

نظرة نقدية للرواية: 

الرواية تبدأ بأحداث في أرض الجزائر لتنتقل بسرعة فائقة في تغيّر سريع إلى بلدان أخرى البلقان، تركيا، سوريا، كلّها أماكن كان وصفها ناقصا بالرواية، السرد كان جيّدا ومسترسلا ينم عن تمكّن من طرف الكاتب، الحوار هو الآخر كان في المستوى المطلوب، يجعلك تعيش الوقائق وتلمس الشخصيات، تتلممّس والد البطل، تتلمّس الباتني حتى في كلامه وتحرّكاته، تتلمّس التيارتي وهو بطلنا، وموت والده في حادث الهجوم على السيارة.
من ناحية السرد دائما تأخذنا الرواية بشكل واقعي جدّا وصارخ في رحلة هروب من الوهم إلى الحريّة، أو ربماهي رواية بحث عن وطن، كأي كلانداستينو ( سائق أجرة) ينتقل من مكان إلى آخر ويدفع ثمن البنزين الذي يستخدمه، نفس ما حدث لبطل الرواية كان يلتقي مع سائق الأجرة، والعنوان مشوّق، حيث كان " كلانداستينو صقيع البلقان الحارق"، ليظهر الكاتب تلك المعاناة التي يعانيها الانسان في عالم التخلّف، ومعاناته حتى في محاولته الميلاد من جديد في بلد غير بلده.
الوصف كما أشرنا كان قليلا في الرواية، ولم يغطّي الكثير من الأماكن التي تمّ ذكر اسمها فقط، وهذا ما منع القارئ من عيش التجربة كاملة، ولو تمّ تغطية هذه الثغرة لكانت الرواية أفضل بكثير، كما أنّه لم يكن هناك مزج بين السرد والوصف والحوار بشكل مكثّف، وأنت تقرأ الرواية تشعر أنّ السرد وحده ثم يأتي الحوار، ثم الوصف، بينما الأفضل مزج الثلاثة لجعل القارئ يعيش أحداث القصة أكثر.الشخصيات لعبت أدوارها بشكل رائع، وكانت واقعية جدا، كبرسيسا الذي ادعى نبوته من شدة المعاناة في خيوس كمركز للاجئين السوريين.
مع ذلك  الرواية كانت رائعة وتشدّ انتباه القارئ وتأخذ به إلى الشعور بالصقيع ةالبرودة، بالتهكم من هذا الواقع بالجنون مع رسول برسيسا، إلى اللامبلاة مع الباتني، إلى كل هذا مع التيارتي ( كلانداستينو).
الرواية متكاملة من نواح كثيرة، ويعين بعضها بعضا لتأخذ بتلابيب عقل القارئ وذاكرته، رغم بعض النقائص المتواجدة بها، مع ذلك فإنّ النقص لم يعق تقدّم القارئ في القراءة والبحث عن مشواره مع الكلانداستينو، حتى يتم قنصه هو الآخر في آخر الرواية.

أفضل الاقتباسات من الرواية:

-         " أعلمك أيها الرفيق أنّ الوطن قد زاد غلائه، وقد أصبحنا اليوم لا نملك ثمن البقاء على أرضه".
-         أنا سأبحر بعيدا عنك، وانت انتظري سفن الفنيقيين تشيّد مجدك من جديد".
-         الكنائس تقول أنّ الله للجميع، يحب الصليب والمحراب، والمآذن تقول أنّها ليست بحاجة لهدم الأجراس ليسمع الناس آذانها..."
-         لأنهم مجرّد مرتزقة يخوضون حربا واسعة الجبهات ليس من أجل الحصول على الأموال بل من أجل الحصول على وطن، لا وطنا جديدا بل وطنهم الأوّل سرّحهم من أرضه قائلا:" لا مكان للبؤساء هنا، عودوا وأنتم أفضل من هذا بكثير، أفتح أبوابي لكم..."
الرواية تستحق القراءة والنشر، كما لابد أن ننوّه أنني لست مختصّا في النقد ولا الأدب إنما هذه رؤية قارئ عادي ( وليس بناقد متفحّص) يحاول تلمّس طريقه وسط تقنيات وأساسيات رواية كلانداستينو لعبد القادر بعطوش، الذي نتمنى له النجاح والتوفيق، وشكرا لكم.
على الساعة 22:07.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot