احمد ياسين

الكتابة هي أن تترك بعضك على الورق، والفلسفة هي أن تبحث على بعضك الضائع، هنا أحاول الجمع بينهما باحثا وتاركا...شاركوني

حصري

Post Top Ad

Your Ad Spot

الأربعاء، 6 يناير 2021

جنائز تترى....الموت القادم من الغرب....

جنائز تترى...الموت القادم من الغرب


   

 تختلف النظرة إلى التأويل في العالم العربي نظرا للضغط الثقافي الذي تمارسه الترسانة الإعلامية الغربية في مقابل الضعف المعرفي الثقافي العربي، وقد يرى البعض منا بساطة الأمر في ترديد لفظة:" موت الكاتب"، و" موت الإنسان"، " موت اللغة"، " موت الكلمة" ...إلخ حذقا لغويا يجتره في كل محفل ثقافي، مردّدا أن لا مانع لديه أم يكون للنص تفسيرات بعدد قرائه، بل أكثر من ذلك، هذا ما دفعنا للنظر في هذا الجانب من زوايا مختلفة متسائلين حول تموضع مشكلة التأويل وعلاقتها بالمقدّس والمدنس...
    يعرّف التأويل لغة أنه التفسير وبيان المعنى فتأويل الرؤيا تفسيرها، والتأويل إعطاء معنى لحدث أو قول أو نص لا يبدو فيه المعنى واضحا لأول وهلة، كتأويل الخبر أي توضيحه، ويأتي أحيانا بمعنى الارجاع كقولي أوّل الله عليك ظالتك أي أرجعها لك، فتأويل كلام المتكلم هو الرجوع به إلى مراد المتكلّم وهو على قسمين، الأول بيان مراد المتكلّم وهذا هو التفسير، والثاني هو الموجود الذي يؤول إليه الكلام أي ظهور المتكلًّم به إلى الواقع المحسوس. ( للاستفادة أكثر)
    مما سبق يمكننا القول انّ التأويل كلمة مراوغة وتفر من الفهم نظرا للترابط الموجود بين الكلمات، فكل كلمة تحيلك إلى بحر لا متناهي من الكلام، وفي خضم هذا تكون العملية التأويلية قائمة على مبدأ التفاعل بين ( المؤلف، النص، القارئ) فالقارئ هو القادر الوحيد للوصول للنص، كما يقول إمبرتو إيكو، حيث يميّز الأخير بين مقصدية المؤلف، ومقصدية النص، ومقصدية القارئ، فالعملية التأويلية لا تتم في مقاصد الكاتب، ولكن في مقصدية النص، أو الكاتب النموذجي. وهذا ما دعى لبلوغ التأويل فكرة موت الكاتب أو المؤلف، أي أنّ التأويل عملية بعيدة كل البعد عن القائل، فهي تتم في واقع محسوس وتتنزّل عليه، لكن في هذا مراوغات واضحة أودت بالكثير منا للسقوط في غواية المدنسّ والفرار من صرامة المقدّس.    ثم ينطلق بعضنا من فكرة أن المقدّس في الحقيقة نص، فلابد أن يخضع لكل ما تخضع له النصوص، مهما كان هذا النص، فالتأويل يمارس بمنهجيتين، منهجية قاتلة للمعنى تجلعه يتشظى في جنائز متتالية، ومنهجية تحترم الكاتب ولا تنادي بجنازته، وتستمع له لتأخذ بعدها أو ترفض في حالة النص الأدبي، وتحترم في حالة النص المقدّس، وفي الحقيقة تقف أمام سلطة الكاتب وموته مجموعة من الإشكاليات التي نطرهحا فيما يلي :
- ما هي الخلفيات المعرفية التي ساهمت في ظهور فكرة موت المؤلف؟ 
- ماذا استفادت الحركة النقدية من هذه الإشكالية على المستويين النظري والتطبيقي؟ 
- على أي أساس يتم إقصاء الكاتب وموته؟ 
- ما موقع النص من نظرية موت الكاتب؟ ما موقع اللغة؟ 
- ما موقع القارئ من نظرية موت الكاتب؟ 
ثم أخيرا يمكننا التساؤل بعد هذه الجنائز والأكفان المتتابعة في موت الكاتب، موت الاله، موت الكلمة، موت الإنسان، موت النص، ...إلخ هل يمكن أن نرى موتا للقارئ؟ للناقد؟ للمتكلّم؟ ...إلخ أم أنّنا سندرك أنّ نظرية موت الكاتب تحمل جوانب إنسانية ناقصة تجعلنا نستخدمها حيث يجب ستخدامها وتجاهل استخدامها وألا نكون كمن يحاول تغطية الشمس بغربال، أو من يخيط ثوبا بسكين، فالسكين وضع للقطع لا الخياطة...

بقلم: أحمد ياسين 
06/01/2021 على الساعة 11:51

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot